وأخيراً، بعد اسبوع من الشدّ والجذب والتأخير في مجلس الأمن الدولي، وبعد تصويت دولة أمريكا بالامتناع على قرار خاوي المحتوى، فانها قد قامت عملياً ورسمياً بالنقض (الفيتو) على الإيقاف الفوري لإطلاق النار وإنهاء قتل الفلسطينيين الأبرياء.
وعبر إجراء "تغييرات" ها المقترحة في "اللهجة" و"صياغات االقرار" وتغيير "الإنهاء الفوري للنزاعات" الى "خلق الظروف لإنهاء النزاعات" وإحالة وقف إطلاق النار الى مستقبل مجهول، وعبر حذف "مراقبة الأمم المتحدة للمساعدات المرسلة الى قطاع غزة" وتحويلها الى عملية بيروقراطية وغير ممكنة، أطلقت عملياً أيادي حكومة اسرائيل الفاشية في "إكمال عملها" بالقتل العام لجماهير غزة!
ان تأخير إجتماعات مجلس الأمن كان مسعى للمحافظة الشكلية على "قيادة" امريكا وستر إنزواءها في العالم وحتى على صعيد حلفائها! كان مسعى لتطهير الوجه القبيح وافجرامي للهيئة الحاكمة في أمريكا بوصفها أكثر قوى العالم العسكرية سعياً للحروب وأكثرها شراً وإجراماً! وعلى الرغم من تسليط أضواء الاعلام على هذا "التقدم" و"الأمل"، أخفق هذا المسعى من اللحظة الأولى.
ان انفضاح هذه المسرحية المقززة كان بدرجة من السفور بحيث لم يكن حتى الإعلام الرسمي واليميني في الغرب على إستعداد على إبراز التقدير والتثمين عديم القيمة لممثل أمريكا في الأمم المتحدة لدولة أمريكا لـ"المساعي الدبلوماسية التي لم تعرف الكلل" للدفاع عن السلام وإدعائاتها المكررة من أجل تثبيت دور أمريكا بوصفها "قائد العالم الحر"، ونُشِرت في قسم أخبار الدرجة الثالثة في زاوية ما.
ان فضيحة هذه الحفلة التنكرية كانت بدرجة من الوضوح بحيث ان حتى رئيس الامم المتحدة نفسه لم يستطيع ان لا يبعد نفسه عن هذا القرار، ويعلن عن تفاهة القرار، وان لا يعبّر عن نفسه كمعارض لحكومة امريكا مرة اخرى ويطلب الايقاف الفوري لجرائم دولة اسرائيل ضد جماهير فلسطين. حتى ان أكثر المحللين جهلاً لم يستطع ان يخفي خواء هذا القرار وخواء إدعاء "زيادة المساعدات الانسانية" لجماهير غزة تحت قصف الجيش الاسرائيلي.
ان تصدي الحكومة الامريكية لوقف أعمال القتل والدعم السياسي والعسكري والتسليحي والمالي لدولة اسرائيل الفاشية في الابادة الجماعية، قطع الطريق على اقل المساعي لتقليص الماكنة الإسرائيلية للقتل الجماعي، يدق آخر المسامير على نعش "قيادة العالم الحر".
ان مساعي أمريكا بادامة الوحشية والجريمة التي ترتكبها اسرائيل ضد جماهير فلسطين تجعل الملف المليء بالوحشية والبربرية الامريكية عند الجماهير المتمدنة في العالم أثقل وأثقل. بشرية زلزلت قبل شهرين في انحاء العالم المختلفة وشقّت الارض تحت اقدام قتلة جماهير فلسطين رافعة مطلب الانهاء الفوري للجريمة في فلسطين والاقرار بحقها في التمتع بدولة مستقلة وشقت الصف الموحد ظاهرياً.
ان مواصلة الوحشية الامريكية تحت الدعم الشامل لأمريكا جعل الطبقة العاملة العالمية والجماهير المحبة للانسان والسلام شيئاً فشيئاً أكثر عزماً في دفاعها عن جماهير فلسطين وانهاء هذه البربرية. ان كل قطرة دم تراق على أنقاض قطاع غزة ، وفي كل بيت ومدرسة وروضة أطفال ومستشفى وملجأ على رؤوس ساكنيه، وكل انسان قُتل وتشرد وتهجر في غزة واي طفل فقد حياته على أيدي الجلادين الفاشيين الاسرائيليين، يجعل من أمر تدخل أكبر من الطبقة العاملة والبشرية المتمدنة ومجابهة من وقفوا وراء هذه الوحشية والإطاحة بجدار اقتدار النظام العالمي الجديد بقيادة أمريكا أمراً أكثر إلحاحاً وفورية.
لايمكن إدامة هذا التوحش والقتل وهذه الوقاحة في الدفاع عن الابادة الجماعية وانعدام الخجل هذا في إهانة شعور الانسانية المتمدنة! ان ضغط حركة مليونية مدافعة عن جماهير فلسطين في أنحاء العالم سيلجم القوى الفاشية والداعية للحرب سواء في اسرائيل أو أمريكا.
تحولت جزارة غزة الى ميدان هزيمة الفاشية الاسرائيلية و"قيادة أمريكا" والنزعة العسكرتارية. ان الحاق الهزيمة بهذه الفاشية هي مستهل محاكمة مجرمي الحرب من الرؤساء الفاشيين في اسرائيل وأمريكا الى داعميهما في الغرب من قبل حركة دعاة عدالة جماهير فلسطين وذلك لاجرامهم بحق البشرية.
لن تعذر أو تسامح البشرية المتمدنة والتحررية والمحبة للانسان هذه الجريمة! لقد تغير الوضع وان التهمش الراهن سيتحول الى هزيمة ماحقة وفرض تراجع على الفاشية والنزعة العسكرتارية لـ"قائد العالم الحر".
الحزب الحكمتي (الخط الرسمي)
23 كانون الاول 2023