تحت الضغط الشامل لمئات الملايين من المحتجين على وحشية غسرائيل وداعميها الغربيين ضد جماهير فلسطين، وجّه الأمين العام للأمم المتحدة فوراً نداءاً لعقد إجتماع مجلس الأمن بهدف إنهاء القتل في قطاع غزة. وفي يوم الجمعة المصادف 8 كانون الاول-ديسمبر 2023 ، انعقد اجتماع مجلس الامن حيث استخدمت امريكا حق النقض، وبالتالي، تم رفض قرار "وقف اطلاق النار الانساني". وكان لا مناص لحكومة بريطانية، الحليف الدائمي لأمريكا، ان تصوت بالامتناع على هذا القرار تحت الضغط الشديد لحركة دعم جماهير فلسطين في بريطانيا.
ان دعم بايدن لمواصلة الإجرام وإراقة الدماء الذي تقوم به حكومة اسرائيل الفاشية في فلسطين هو تعبير عن إخفاق النزعة العسكرتارية الأمريكية وهزيمتها، وإنسداد الأفاق والهزيمة الاستراتيجية لحكومة اسرائيل في "النصر" في هذا الصراع على الرغم من قتل عشرات الالاف وتسوية نوار غزة بالارض. ان معارضة حكومة امريكا لوقف اطلاق النار وأي ايقاف لهذه الجريمة هو سعي لـ"كسب الوقت" لخروج حفنة فاشية مجرمة في تل ابيب من انعدام الافق برد الماء لوجههم القبيح بوصفهم "منتصري" بُرك الدماء هذه!
وقد أدانت المليارات من نيويورك وواشنطن ولندن وباريس وبرلين الى القاهرة وبغداد وبيروت وعدن ومن طوكيو وسدني الى اسطنبول واثينا و... فورا وعن حق تبريرات ممثل امريكا في مجلس الامن وفيتو "الايقاف" القصير لأعمال القتل وإبادة جماهير فلسطين بوصفه إصرار حكومة أمريكا واسرائيل على مواصلة عملية الإبادة الجماعية لجماهير فلسطين. وقد ارتج العالم مرة اخرى يوم السبت المنصرم أثر حضور الجماهير المحبة للانسان ودفاعاً عن جماهير فلسطين وضد ماكنة القتل الجماعي الاسرائيلية وداعميها في الغرب والفاشية المنفلتة لاسرائيل.
وتحت ضغط الحركات الاحتجاجية الجماهيرية والازمة والشق في هيئتها الحاكمة وأحزابها وبرلمانها و... تحت وطأة الرعب من تحول الحركة الاحتجاجية الداعمة لفلسطين الى حركة احتجاجية ضد حكوماتها والازمات السياسية-الاجتماعية الداخلية، أُجبِر المدافعين الاوربيين عن الابادة الجماعية التي تقوم بها حكومة اسرائيل الفاشية في قطاع غزة، الواحد تلو الاخر، ان يبعدوا أنفسهم ظاهرياً وشكلياً عن هذه الجرائم والقائمين المباشرين عليها. انها حكومات، في الوقت الذي ترسل الأسلحة والمعدات النظامية لاسرائيل، تعتب بدرجة ما على "عدم تناسب" رد فعل حكومة اسرائيل، ولطفت من دفاعها الشامل وغير المشروط لعملية الابادة التي تشنها اسرائيل. انهزمت وسائل الاعلام الرسمية واليمينية للغرب أمام أعمال الرقابة التي تقوم بها تجاه الاجساد الممزقة للنساء والرجال والاطفال تحت أنقاض وحطام المدارس والمستشفيات و"ملاجيء الامم المتحدة" وامام عملية غسل الدماغ التي تقوم بها لمواطنبها، ومالت العدسات قليلا صوب الجرائم في غزة وشرعت بالحديث عن جرائم حكومة اسرائيل.
ان اعتراض حكومة بايدن على التخفيض المؤقت لجريمة حكومة اسرائيل على جماهير فلسطين بحجة الصراع مع حماس، جعل امريكا وبايدن اكثر تهمشاً وانزواءاً من اي وقت اخر أمام حتى حلفائه الدائميين وفي "المجتمع الدولي" وضعّف من مكانة أمريكا لا على صعيد المنطقة وحسب، بل في الامم المتحدة ومجلس الأمن. يمكن، وبصورة مباشرة، رؤية وملاحظة إنزواء وضعف المكانة هذه. ان الدعوة مرة أخرى لعقد اجتماع الامم المتحدة من أجل إصدار قرار لـ"وقف اطلاق النار" والسعي لجعل هذه القرار ملزماً والاقتراحات المتنوعة للحكومات الغربية لاصلاح بنية مجلس الامن والتضيق على حق استفادة الحكومات من الفيتو فيه، وبغض النظر عن تنفيذ هذا من عدمه، تشير جميعها الى الماكنة الضعيفة لامريكا في مؤسسات كانت رسالتها ولحد اليوم هو اضفاء المشروعية القانونية والصفة العالمية على اقتدار أمريكا وهيمنتها.
ان إنزواء الفاشية الاسرائيلية وهزيمتها وأفولها وسقوطها سيجلب معه الإنزواء والأفول النهائي لامريكا بوصفها قوة مهيمنة والقوة الاولى في العالم. ان هذا الانزواء والهزيمة ليستا نتيجة تذمر الحكومات العربية أو رعيد أردوغان وخامنئي و... أو "خطر" الصين وروسيا وألاعيبهما الدبلوماسية من أجل إضعاف خصم.
ان الفاشية الاسرائيلية هي التي دفعت الجماهير المحبة للانسان والتحررية في العالم ذات المطالب بايقاف الابادة الجماعية وانهاء دعم الحكومات الغربية لاسرائيل والاقرار بدولة فلسطين المستقلة الى تسيير حركة عالمية وجماهيرية للدفاع عن فلسطين، وختمت على مشروعية "المجتمع الدولي" و"العالم الحر" بختماً عدم الصلاحية، الحقت الهزيمة بهما وهمشتهما. ان هذا التهميش هو ثمرة احتجاج الطبقة العاملة التي شرعت بالاحتجاج على جرائم حكومة اسرائيل. بغياب هذه الحركة، قرع داعمو الفاشية الاسرائيلية في الغرب كالعادة، وبدون خجل ومواربة، طبول الجريمة والقتل وتطهير جماهير فلسطين ومحوها التام. ان انزواء امريكا هو ثمرة تقدم هذه الحركة العالمية في الدفاع عن جماهير فلسطين من أجل حياة حرة وانسانية.
ان هذه الحركة هي القوة الوحيدة التي بوسعها أن تضع حد لهذه الوحشية والبربرية. حركة تمكنت لحد الان بقدرتها عملياً من الغاء الألاعيب الدبلوماسية والحسابات و"الاتفاقات والمعاهدات" العالمية، اطاحت بـ"النظم العالمية" وجعلت حرية فلسطين أمراً ممكناً.
بوسع هذه الحركة شلّ ماكنة القتل الاسرائيلية، بوسعها مقاطعة الحكومة العنصرية الحاكمة بصورة تامة، بوسعها ان تسد الطريق على دعم الحكومات البرجوازية ومُصنعي الاسلحة ومرسلي معدات القتل الجماعي الى اسرائيل. خطت الطبقة العاملة في هذه المدة من اليونان وتركيا وايطاليا الى اسبانيا وامريكا وبريطانيا و... خطوات في هذا المسار. ان إغلاق الموانيء والامتناع عن تحميل الاسلحة والمعدات العسكرية الى اسرائيل ووقفات الاحتجاج أمام معامل صناعة الاسلحة هي فقط زوايا من حلول الطبقة العاملة الميدان دفاعاً عن جماهير فلسطين. ان المواصلة والادامة الشاملة والواسعة لاحتجاجات الطبقة العاملة في أنحاء العالم ستجبر لا الحكومة العنصرية والفاشية في اسرائيل، بل بالاضافة الى ذلك امريكا ومجمل الحكومات الداعمة لاسرائيل على التراجع عن فعلتهم هذه.
ان هزيمة وانزواء اسرائيل وفشل امريكا والنزعة العسكرتارية للغرب بهمة الطبقة العاملة والبشرية المتمدنة والمحبة للانسان والسلام هي مستهل صراعات عظيمة وعالمية ضد الوحشية والفقر وانعدام الحقوق في العالم كله. سيكون إنهاء هذا القتل العام والمصيبة الانسانية في قطاع غزة بداية حركة عالمية من اجل العدالة لعشرات الألاف من الضحايا ومئات الالاف من الجرحى في غزة. ينبغي ان يُحاكم كل من مرتكبي هذه الجريمة من نتنياهو وغالانت وبن غوير الفاشيين الى المدافعين عنهم من بايدن وماكرون وسوناك وشولتس وغيرهم وذلك لاجرامهم بحق البشرية.
ان انتصار الجماهير المحبة للانسانية في انهاء هذه السلسلة من القتل والجريمة سيربط حل معضلة فلسطين بالصراع ضد النزعة العسكرتارية السائدة في العالم نحو صراع من أجل الحرية والعدالة وحياة آمنة بعيدة عن الحرب والجريمة.
ان الصراع اليوم من أجل الحرية والأمان وحياة انسانية لجماهير فلسطين هي نافذة لولوج الانسانية لصراعات اكبر وعالمية من أجل حرية وأمان الجماهير ولتحولات أكثر أساسية وجوهرية فيما يخص صلة الجماهير بالسلطة والحكم على صعيد العالم، وبالاخص في الغرب. ان هذا التحول يستلزم لعب الطبقة العاملة لدور عالمي لقيادة هذه الحركة.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني
الحزب الحكمتي (الخط الرسمي)
كانون الاول 2023