ان الهجمة الواسعة والمباغتة لحماس على إسرائيل والمسماة بـ"طوفان الأقصى" يوم السبت 7 تشرين الأول –اكتوبر 2023 هي أكبر هجمة عسكرية للقوى الفلسطينية بعد حرب "العرب واسرائيل" عام 1973. ولم تفاجيء الهجمة دولة اسرائيل فحسب، بل العالم كله من حيث سعة نطاقها وسيطرتها على العديد من مراكز القوى العسكرية الاسرائيلية. تركت هذه الهجمة تأثيرها على الساحة السياسية للشرق الأوسط والعالم، ووضعت معضلة فلسطين وقضية مصير جماهير فلسطين ومستقبلها مرة أخرى على طاولة العالم. وبهجمة اسرائيل على قطاع غزة، دخلت هذه الحرب مرحلة أكثر دموية وماساوية.
وعلى النقيض من التصوير الزائف للغرب والمدافعين عن دولة اسرائيل في وسائل الإعلام اليمينية في الغرب، لم تأتي هجمة حماس على اسرائيل من فراغ. إذ ان الحرب الراهنة هي إستمرار وإدامة لـ 75 عام من الحرب التي تجري في فلسطين وفي مناطقها المحتلة. حرب تعد الدولة القومية-الدينية لاسرائيل والمدافعين عنها في الغرب معمارييها.  ان الحرب الراهنة هي نتيجة إنسداد طروحات الدول الغربية فيما يخص "حل" معضة فلسطين والاقرار بحق جماهير فلسطين في تأسيس دولتها وبلدها المستقل، وفي الوقت ذاته، الدفاع غير المشروط لجرائم دولة اسرائيل العنصرية ضد الجماهير البريئة في فلسطين، دعم وتأييد سياسات التطهير العرقي والقتل الجماعي وفرض انعدام الحقوق التام على جماهير فلسطين، تأييد القتل والترحيل والتشرد والقصف الدائمي لقطاع غزة وزهق أرواح الالاف من الأبرياء تحت مسمى حق اسرائيل بـ"الدفاع عن نفسها".
في الوقت ذاته، تحمل هذه الحرب وتبيّن عدم أهلية الحكومات العربية بالدفاع عن جماهير فلسطين وإستغلال مصائب جماهير فلسطين من أجل نيل الإمتيازات  وعقد الصفقات على  حياة اليوم وغد ملايين المشردين الفلسطينيين على طاولة المفاوضات مع اسرائيل والحكومات الغربية.
ان دفع حكومات اسرائيل وامريكا حل مسالة فلسطين نحو إنسداد آفاق، وسد الطريق على اي منفذ لغد واضح لجماهير فلسطين، ورمي الحكومات العربية للراية المرائية حول حل معضلة فلسطين والمساومة على غد الجماهير هذه، تهميش دور حماس في هذه الصفقات في خضم السياسات الفاشية لحكومة اسرائيل ضد جماهير فلسطين، من الواضح وفرت كلها فرصة مناسبة لحماس للشروع بهذه الهجمة باسم الدفاع عن جماهير فلسطين. ان هجمة بهذه الابعاد وبهذه السعة على احد أكثر المؤسسات الامنية والاستخباراتية امكانية وعسكرية في العالم، كانت فرصة كي، أولاً، تطرح حماس نفسها بوصفها القوة الوحيدة "المدافعة" عن جماهير فلسطين، وثانياً، كي تنتزع حماس مرة اخرى مكانة قوة لايمكن تجاهلها في المفاوضات و...الخ. وعلى النقيض من ادعاءات حماس،  ان الهدف من هذه الهجمة هو ليس الحملات الفاشية لحكومة اسرائيل على جماهير فلسطين، وانما كان استرداد حماس لمكانتها المفقودة لدى جماهير قطاع غزة وكذلك في معادلات القوى الاقليمية والعالمية.
ان ما يمايز هجمة حماس في هذه المرحلة عن الحروب السابقة هو ابعاد وسعة هذه الهجمة وهشاشة المؤسسة العسكرية-الامنية لاسرائيل، والاخرى، والأهم من هذا، هي الظروف وتوازن القوى الجديد في العالم والمنطقة. أوضاع جديدة تعد من أهم سماتها تراجع قدرة امريكا على الصعيد العالمي والشرق الاوسط ونهاية مرحلة تفرد هذا البلد وسياساته العسكرية وحلفائه في العالم وتنامي اقتدار قوى أخرى وصياغة عالم متعدد الاقطاب. أوضاع جديدة وضعت على طاولة العالم اعادة تقسيم العالم وتقاسم القوى العالمية والاقليمية للحصص. ان إضعاف مكانة اسرائيل في المنطقة وانسداد افاق  سياسة "اسرائيل المحور" الامريكية هي أحد نتائج هذه الاوضاع الجديدة. ان هذه المسالة، بموازاة احتجاج البشرية المتمدنة على جرائم اسرائيل واعمال القتل اليومية لجماهير فلسطين والاحتجاج على التمييز الاثني في اسرائيل، وأخيراً، مطلب الحل النهائي لقضية فلسطين وتأسيس دولتين هي أوضاع استفادت منها حماس بافضل شكل لتحسين واسترداد مكانتها المتهالكة.
من الجهة المقابلة، ستستفاد حكومة نتنياهو من هذه الحرب أفضل استفادة لتقوية مكانتها المتداعية في داخل اسرائيل وفي تعميق الحقد القومي من أجل شن حملة أوسع على جماهير فلسطين باسم الدفاع عن نفسها وفي تقوية القوى اليمينية والفاشية في اسرائيل.
ان هجوم اسرائيل المضاد تحت اسم "الانتقام من حماس" والقصف الواسع لقطاع غزة وقتل الابرياء وتدمير المناطق السكنية والمدارس والمستشفيات ومخيمات اللاجئين والحصار التام لقطاع غزة وقطع الكهرباء والماء والوقود والطعام والادوية وامكانات معيشة بحدود مليوني انسان أسير في هذه المنطقة والاعداد لهجوم بري والاحتلال التام لقطاع غزة والقتل العام او تشريد وتهجير قاطني قطاع غزة هي جرائم حرب على جماهير فلسطين دون شك. ان شريك دولة اسرائيل في الجرائم هي الحكومات الغربية عبر دفاعها عن اسرائيل بدون قيد أو شرط، عبر مساعداتها العسكرية المالية، عبر قطع المساعدات المالية عن جماهير فلسطين والجرائم والعقوبات الجماعية على الجماهير القاطنة في قطاع غزة. ان ما هو شريك جرائم دولة اسرائيل هي وسائل الاعلام اليمينية، هذه المؤسسة التي تبث الاكاذيب وتبرر بدعاياتها البشعة في الغرب جرائم دولة اسرائيل ضد جماهير فلسطين، وتقرع الطبول بوصفها جزء من الماكنة الحربية للغرب واسرائيل.
وكجزء من سخطه على هذه الوحشية والاجرام، سواء من جانب اسرائيل أو حماس، وادانة السياسات الساعية للحرب للدول الغربية، يدعو البشرية المتمدنة لانهاء هذه الحرب والدفاع عن جماهير فلسطين المحرومة وحقها في حياة امنة، ويؤكد على المطالب أدناه:
 
  • وقف اطلاق النار والانهاء الفوري للحرب من كلا الجانبين!
  • الانهاء الفوري للحصار الاقتصادي على جماهير قطاع غزة، وقطع المياه والكهرباء والغذاء والوقود!
  • الارسال الفوري للمساعدات الطبية والدوائية والغذائية و... الى جماهير قطاع غزة!
  • جعل المنطقة غير عسكرية فوراً وخروج اساطيل امريكا والقوى العسكرية للدول الغربية من المنطقة!
  • المغادرة الفورية لاسرائيل من المناطق المحتلة وعودة جماهير فلسطين الى محل سكناهم ومعيشتهم ووضع حد لأي شكل من أشكال التهديد لهم!
 
ان هذه اول خطوة لنيل وجعل سبيل حل جذري ورئيسي لمسالة فلسطين أمراً ممكناً، اي الاعتراف بدولتين مستقلتين لاسرائيل وفلسطين.
ان السبيل الوحيد لانهاء الحرب والقتل والابادة الجماعية والارهاب والدمار و...، والسبيل الوحيد لانهاء استغلال دولة اسرائيل وحماس وحزب الله وغيرها من الشق والفرقة ما بين جماهير اسرائيل وفلسطين وانهاء دورهم الاجرامي، والسبيل الوحيد لسلم دائم وانهاء مجمل مصائب جماهير فلسطين هو تاسيس دولتين مستقلتين.  
 
الحزب الحكمتي (الخط الرسمي)
10 اكتوبر 2023