( مقابلة جريدة "كومونست الشهرية" مع خالد حاج محمدي، أحد مؤسسي "الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني")

أحمد مطلق: بدءاً، بمناسبة إتخاذ هذه الخطوة المهمة، تشكيل الجبهة العمالية الموحدة، أهنئكم وأهنيء سائر ناشطي هذه المؤسسة والاتحادات والمنظمات والأحزاب والشخصيات المؤسسة. وبوصفي كرئيس تحرير جريدة كومونست (الشيوعي) الشهرية، أرسلت في الوقت ذاته مثل هذه الاسئلة الى "محمد علوش"، احد الاعضاء المؤسسين لهذه المؤسسة. وبالاضافة الى ذلك، نشرنا في هذا العدد أيضا مقابلة أجرتها جريدة "الى الأمام" مع سمير عادل الذي هو أحد المؤسسين كذلك. 

وبهذا التوضيح، هل بوسعكم ان توضح لقراء الجريدة كيف نبعت فكرة تأسيس هذه الجبهة، وما هي الأرضية والضرورات السياسية والإجتماعية لتاسيسها، وكيف جرت هذه العملية من الناحية العملية.
خالد حاج محمدي: بمعزل عن 75 عاماً من الجرائم المنظمة المرتكبة بحق جماهير فلسطين على أيدي حكومات إسرائيل، وأعمال القصف والجرائم وإراقة الدماء والإرهاب والحرب والهجوم على تسوية المستشفيات والمدارس ورياض الأطفال بالأرض عبر الصورايخ الأمريكية وقطع الماء والكهرباء وأي من إمكانات حياة ومعيشة الملايين من جماهير فلسطين  في العام المنصرم، وحقيقة ان حتى الجنين الذي في رحم امه كان هدفاً عسكرياً لإسرائيل، فان تشكيل الجبهة العمالية الموحدة كان ثمرة توصل وإدراك جمع من الناشطين المدافعين عن جماهير فلسطين في الحركة العمالية للمنطقة بضرورة القيام بحركة مشتركة وعملية ومؤثرة بوجه هذا التوحش والدفاع عن جماهير فلسطين. نسعى الى جعل الطبقة العاملة في المنطقة ان تكون، كخطوة أولى، ذا تنظيم للدفاع عن جماهير فلسطين في هذه الحرب الدموية التي نظمتها امريكا-اسرائيل وحلفائهم، بالتعاون مع جميع الاتحادات والمنظمات العمالية وناشطي الطبقة العاملة في العالم، وبالاخص في الغرب، وممارسة الضغط الشامل لانهاء الابادة الجماعية الجارية.
ان ضرورة وحدة الطبقة العاملة في اي بلد أو منطقة أو العالم هي، ومنذ مئات السنين، بالنسبة لنا نحن الشيوعيون والناشطون والقادة المخلصين والواعين للطبقة العاملة أمراً دائمياً. ومن الجهة المقابلة، وعبر اللجوء لأدوات مختلفة من بينها تعميق الهويات القومية والدينية الكاذبة، تسعى البرجوازية لجعل هذه الوحدة مستحيلة. أن هذه أحد الصراعات والتحديات الجدية للطبقة العاملة بالأخص في الشرق الأوسط. أن تشكيل شرق أوسط قومي وديني ووضع العامل بمجابهة عامل آخر تحت مسميات "عامل إيراني" و"عامل عربي"، ينتمي لهذه العشيرة أو تلك، "سني" أو "شيعي"، "سلفي" أو "حنفي"، "مسيحي" أو "يهودي" و"يزيدي" او... سياسة مناهضة للإنسانية ومناهضة للعمال، وان أول ضحاياها هي الجماهير المحرومة للطبقة العاملة في المنطقة. لقد راينا بأم أعيننا الآثار المدمرة والمخربة لهذه التقسيمات في افغانستان والعراق وسوريا وليبيا و... وعشناها وخبرناها. وراينا إذا لم تتغلب الطبقة العاملة على الشقاق القومي والجغرافي والديني والقومي والجنسي والعرقي، وإذا لم تتغلب على قبضة هذا النظام والغول الكبير والواسع للدعاية وماكنتهم الإعلامية وإنتاج وصناعة الأوهام بين العمال والجماهير المحرومة لمواصلة شق صفوفهم، لن يكون نصيبنا من هذا النظام حصة أفضل من الجهنم القائم. ان الهبات الجماهيرية في أعوام 2019 في لبنان والعراق  ضد هذه التقسيمات والحكومات الفسيفسائية ومن أجل شرق أوسط علماني ومرفة وحر كانت نقطة شروع مجابهة جماهير الطبقة العاملة بصورة جدية لهذا السيناريو الرجعي. كما ان هبة عام 2022 في إيران، وبشعار حرية المرأة والرفاه والمساواة والاضرابات والاحتجاجات العمالية الواسعة التي جرت في ايران، سرى اشعاعها في مجمل العالم وفي الشرق الأوسط من لبنان ومصر وتونس الى العراق وافغانستان، ووجدت انصارها وتركت تأثيرها، واضرمت نار الأمل بتحرر المرأة والحرية والعدالة، وصدحت بـ"لا" كبيرة ضد التقسيمات الكاذبة في صفوف الطبقة العاملة والجماهير المحرومة. 
بوسع تاسيس هذه الجبهة ان يُعَدّ امتداد لهذه المساعي بابعاد أوسع وأكثر طبقية. ان تاسيس هذه الجبهة هو إعلان حضور طبقة عاملة تصدح بـ"لا" بوجه شرق أوسط قومي او ديني أو تحكم حفنة من الحكومات الرجعية وبشيوخها الرجعيين وحلفائها. انها طبقة عاملة ترى مصائب جماهير فلسطين والجرائم الوحشية لحكومة إسرائيل وحلفائها مصائبها وترى التصدي لهم منفذ وقناة لإتحاد أكثر اساسية وإقتداراً بين الطبقة العاملة في المنطقة والعالم. 
ان إنهاء توحش الأنظمة الرأسمالية وإنهاء فقر وحرمان الأغلبية الساحقة لسكان العالم وإنهاء الإستغلال واستعباد الطبقة العاملة مرهون بتوازن القوى والضغط ووحدتنا وسيادة أفق سياسي وعمالي واضح. تحول العالم اليوم إلى جهنم للأغلبية الساحقة من البشر. وفي عالم اصبحت الثروة والامكانات لحياة مرفهة وحرّة وإنسانية فيه بقدر اضعاف اضعاف قاطني العالم القائم، يشاع الفقر والجوع والبطالة وبيع الجسد وعدم الحصول على الامكانات الصحية والأدوية والمدارس و... بصورة لا يمكن تصديقها. بالإضافة الى الحرب والقتل والدمار والجرائم المنفلتة العقال لهذا النظام وحكوماته بحقنا وبحق الجماهير المضطهَدة والمحرومة من أجل المصالح المادية للرأسماليين ونظامهم حتى تدرك كل لوحة هذا العالم والتوحش الذي رمت الحكومات الراسمالية بها البشرية والطبقة العاملة من اجل إدامة عمرهما. ان أداتنا لمجابهة هذا النظام هو وحدتنا وتنظيمنا وقدرتنا في الإنتاج وخلق مجمل امكانات الحياة والصناعة و... في هذا العالم ورفع راية واضحة وأفق تحرري في الصراع مع الحكام الحاليين للعالم. ليس ثمة شك بالمدى الهائل لقدرتنا. إذا ما فعلّنا إرادتنا، لن تجد رغيفاً ولا يمكن أنتاج سيارة ولا يُبنى بيتاً ولا تُنتج أسلحة ولا تبقى إمكانية لمدافع ولا طائرات للقتل والقصف والجريمة.
ان تاريخ البشرية مليء بمساعي الطبقة العاملة من أجل تحسين الأوضاع والرفاه والأمان والسلام وحياة أفضل لنفسها وللبشرية. وبوصفنا جزء من هذه الطبقة، أسسنا نحن في الشرق الأوسط وافريقيا و... إتحاداً وشرعنا بعمل كبير تمثل، اليوم وبصورة فورية، بالدفاع عن الجماهير المحرومة في فلسطين، وإصطففنا بوجه النزعة الحربية والابادة الجماعية الإسرائيلية. في الوقت ذاته، وبوصفنا ممثل الطبقة العاملة في هذه المنطقة، نشارك في الحركة العالمية للدفاع عن الشعب الفلسطيني وضد النزعة العسكرتارية وإنفلات حكومة اسرائيل وإستهتارها ومن اجل حرية جماهير فلسطين ونحضر  بصورة نشطة ومؤثرة ونتعقب إستراتيجية وحدة صفوف عمالً المنطقة بقوتهم وقدرتهم ضد النظام الرأسمالي وضد حكومات المنطقة ومن أجل الرفاه والحرية والعدالة وضد الحرب وإراقة الدماء ومن أجل أمان الجماهير المحرومة. نسعى إلى الإرتباط بجميع منظمات الطبقة العاملة وتنظيماتها ومؤسساتها وشخصياتها في العالم، وأن نكون من منظمي ومؤسسي الوحدة الطبقية للطبقة العاملة في العالم. نؤمن بأن هذا العمل ممكن، وينبغي أن نسعى له، وإن هذا هو السبيل الواقعي والحقيقي، السبيل الوحيد لإعادة كرامة وحيثية الإنسان في عالمنا. ينبغي ان نتقدم الصفوف في هذا المسار، نكبر، نقتدر ونعمل ونوحد حركتنا ، ونجعلها ذات أفق وسياسة ونضع تطبيق ممارسة عملية وجدية على جدول أعمالنا. 
ان مجابهة قتل الفلسطينيين اليوم، مجابهة محوهم ودفن الاطفال الفلسطينيين تحت أنقاض البيوت والمنازل ومجابهة حصار قطاع غزة وخطر وفاة مئات الالاف جراء الجوع والامراض الخطيرة هي أكثر فورية وإلحاحاً من اي وقت آخر، وليس ثمة ضرورة وليس ثمة عمل مهم وأكثر فورية وأهمية من هذا. 
تتحدث الحكومات الغربية في وسائل إعلامها الرسمية دوماً عن أسرى إسرائيل لدى حماس وضرورة إطلاق سراحهم، وجعلوا منها حجة لقتل آلاف البشر. ولم تذكر أي منها كلمة عن آلاف الفلسطينين الاسرى لدى إسرائيل. في ثقافتهم، لايعد الفلسطيني إنساناً. وان قتل إنسان في هذه المنطقة وذلك لجرم كونه مسلماً أو لجرم محل سكناه ومعيشته وغير غربيته لا يطلق لسان وصوت أية وسيلة إعلام رسمية. ان هذه نزعة  أبشع من العرقية العنصرية السافرة لمرحلة هتلر ونزعة التفوق العرقي للفاشيين الألمان. إن هذه الظاهرة وضعتنا وجمعتنا مع بعض بوصفنا ناشطي حركة إنسانية. 
أجرينا مناقشة هذه المؤسسة بيننا نحن الذين توحدنا في هذه المؤسسة ودفعنا هذا النقاش للحركة والتحرك من أجل تفعيل إرادتنا بصورة موحدة من فلسطين وتونس والأردن ومصر والمغرب والجزائر وليبيا والسودان وموريتانيا والعراق وكردستان العراق الى ايران لصياغة وحدة عمالية للدفاع عن جماهير فلسطين، أوصلنا الى ضرورة أن نسيّر ونجلب للميدان قوة وحركة طبقتنا على أي صعيد ومستوى نستطيع ضد جرائم وحرب اسرائيل. لقد تم الإتفاق وتجمعت 24 مؤسسة عمالية ومنظمة وشخصية وحزب جنب بعض ليعلنوا رسمياً في بيان صدر بتاريخ 22 أيلول 2024 تأسيس "الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن جماهير فلسطين". 
في هذا المسار، نمد ايدي الصداقة والتعاون صوب رفاق طبقتنا ومنظماتها وإتحاداتها  ونقاباتها ومؤسسات وقادة وشخصيات الحركة العمالية والجماهير المتمدنة والمدافعة عن جماهير فلسطين في أنحاء العالم قاطبة. 

احمد مطلق: من الناحية التأريخية، ان قضية جماهير فلسطين وانعدام الحقوق والجرائم التي أُرتكبت بحقها، كانت مبعث إستغلال حكومات العالم العربي من أجل عقد الصفقات ونيل الإمتيازات من الغرب تحت علم فلسطين، وتحولت الى عائق أمام حل معضلة جماهير فلسطين. كيف بوسع "الجبهة العمالية الموحدة" أن تتحول بصورة عملية الى قطب عمالي يمثل مصالح جماهير فلسطين وصاحب هذه القضية؟ هل ان هذه الرؤية والمستقبل أمراً ممكناً؟
خالد حاج محمدي: إن هذا أمر ممكن وإني متفائل بهذا الصدد، ونسعى نجن جميعاً في الجبهة نحو هذه الجهة والتوجه. ان جماهير المنطقة، وبالأخص الطبقة العاملة، ساخطة على الدور المخرب لحكومات المنطقة فيما يخص إنعدام حقوق جماهير فلسطين والمساومات وعقد الصفقات مع الحكومات الغربية وإستغلال مصائب جماهير فلسطين من أجل نيل الامتيازات ومواصلة صلاتهم الجيدة مع إسرائيل، على الرغم من التشدق الزائف بادانة الوحشية الإسرائيلية وذرف دموع التماسيح على جماهير فلسطين، وفي الوقت ذاته عدم قطع الصلات مع دولة ليس لها اي حدود أو سقف في اراقة الدماء والجرائم. الطبقة العاملة في ايران ساخطة أيضا على الادعاءات الكاذبة والمرائية للجمهورية الإسلامية باسم "الدفاع عن جماهير فلسطين" وربط نفسها بقضية فلسطين. زد على ذلك، ان الطبقة العاملة في هذه المنطقة ترسف في الفقر وإنعدام الحقوق والإستغلال والهجمات اليومية على مستواها المعيشي الذي تفرضة الحكومات البرجوازية. 
في الغرب اليوم، مارست حركة الدفاع عن جماهير فلسطين الضغط على الحكومات.  فقدت الحكومات والبنية الدولية جميعا مشروعيتها لدى الجماهير والطبقة العاملة في الغرب. وإن هذا ما جرى في المنطقة كذلك. اذ لا تعتبر الطبقة العاملة والجماهير التي إحتلت الساحات والمدن ضد عملية الإبادة الجماعية الحكومات الرجعية الحاكمة مدافعة عن جماهير فلسطين، ليس هذا وحسب، بل تعدها شريكاً في إرتكاب هذه الجرائم. إذا كانت حكومات المنطقة معترضة ولو ذرة على هذه الوحشية، فانه جراء ضغط حركة الجماهير المدافعة عن جماهير فلسطين. ان الحكومات الرجعية، من الحكومات التي تدعي كذباً دفاعها عن جماهير فلسطين الى الحكومات التي أعلنت رسمياً انها تقف جنب إسرائيل في هذه الجريمة، قد فقدت جميعاً شرعيتها لدى الجماهير المتمدنة والطبقة العاملة.
ان تاسيس قطب عمالي مقتدر، بوصفه مدافع جدي عن جماهير فلسطين في المنطقة، في أوضاع مثل هذه، سيكون أمراً ممكناً أساساً مع وجود هذه الجبهة التي أسستها لحد الآن إتحادات عمالية من عشرة بلدان ورفعت راية الدفاع عن جماهير فلسطين ضد الابادة الجماعية في غزة والمنطقة، وتسعى من أجل المساواة والعدالة ومجتمع إنساني ومن أجل السلام والأمان. بنشاطنا الشامل، بوسعنا أن نجعل العالم يشهد ان الشرق الوسط ليس محل ألاعيب الحكومات الرجعية والحركات القومية والدينية والرجعية والحكومات المناهضة للعمال فقط. بوسعنا ان نبيّن ان هذه المنطقة ليست محل ألاعيب العسكرتارية الغربية والعنجهية وإنتزاع الاتاوات من جماهير المنطقة وأخضاعها. بنشاطنا وتوسيع تيارنا في بلدان أخرى، وبدعم الطبقة العاملة العالمية، بوسعنا ان نبيّن عن مرحلة جديدة من الوحدة والتضامن والصداقة والمصير المشترك للعمال وبين الجماهير المحرومة، ونفتح صفحة جديدة من تأريخ النضال الطبقي في المنطقة، ونترك طابع وختم حركتنا على التحولات. ان هذه جميعها امراً ممكناً، ومرهونة بسعينا وإرادتنا وقرارنا والتزامنا بالاتفاقات التي تعهدنا بها وبالدفع بسياسة فعالة وواضحة وانسانية ونضال جدي.
أعتقد ان مشكلاتنا والعوائق التي تعترضنا ليست قليلة. بيد اننا إتخذنا الخطوة الأولى، وتغلبنا على مصادر القلق هذه، وينبغي ان نكمل الطريق بثقة بالنفس والفخر. من المؤكد ان هناك عوائق ومعرقلات جدية. ان هذا السبيل وهذا العمل ليس ببسيط. انه ميدان صراع جدي. بيد انه أمر ممكن تماماً. ان نجاحنا مرهون بعملنا الجدي وصراعنا الشامل. بدون ذلك، سينطفي نور الأمل الذي أضئناه، ولا ينبغي علينا ان ندع هذا الأمر يحدث.         

احمد مطلق: ما هو الهدف أو الاهداف التي وضعتها هذه المؤسسة على عاتقها والأساليب السياسية والعملية سواء على صعيد العمال في الشرق الأوسط و شمال افريقيا او على الصعيد العالمي التي ستتخذها من أجل تحقيق الأهداف المتوخاة؟

خالد حاج محمدي: ان أهدافنا واضحة، ووردت في بيان إعلان تأسيس "الجبهة العمالية الموحدة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني". إذا تحدثت باختصار، ساقول ان هدفنا صياغة وحدة عمالية والسعي للإتيان بالطبقة العاملة في المنطقة للميدان بوصفها طبقة، وتستند إلى أدوات طبقية لإحتجاجها دفاعاً عن جماهير فلسطين وضد الإبادة الجماعية.
وبمعزل عن سعينا هذا، تحدثنا بوضوح عن السعي لتوحيد الطبقة العاملة بصورة عابرة للحدود القومية والتقسيمات الجغرافية، وعن اننا نعتبر أنفسنا فصيل من الطبقة العاملة العالمية ونرتبط بمصير مشترك وواحد مع جميع العمال في أنحاء العالم بغض النظر عن محل الولادة والبلد والقومية والدين والجنس، ونسعى من أجل وحدة وإقتدار والمصير المشترك في هذه الحركة. إننا ضد النظام الراسمالي ونناضل من أجل المساواة والحرية والرفاه للجميع ومن أجل السلام والأمان. وذكرنا اننا في منطقة تمثل النساء نصف طبقتنا، وفي منطقة يعد نصف البشر، النساء، محروماً من حقوقه الإنسانية والمساواة وذلك فقط لكونهن نساء، ورفعنا راية مساواة المرأة والرجل. اننا اتحدنا حول هذه الأهداف ونناضل من أجلها.  
ومن أجل تحقيق أهدافنا، يتمثل سعينا بالتالي: من أجل خلق وحدة عمالية عريضة، سواء دفاعاً عن جماهير فلسطين اليوم أو إستمراراً لذلك، ضد الإستغلال وإنعدام الحقوق. وفي هذا المسار، يمكن القيام بالعديد من الأعمال، من الدخول المنظم للطبقة العاملة الميدان بوصفها العمود الفقري للحركة العالمية للجماهير المتمدنة ضد الابادة الجماعية التي تقوم بها اسرائيل وشركائها الغربيين، وتنظيم الإضرابات والتجمعات العمالية على أي صعيد ومستوى ممكن للضغط على جميع الدول من أجل قطع صلاتها بإسرائيل ومن أجل إيقاف التعاون وإرسال الأسلحة والامكانات ومشاركتها المباشرة في الإبادة، والسعي لمقاطعة حكومة اسرائيل الفاشية وإنهاء إبادة الفلسطينيين وإجبار إسرائيل وأمريكا على التراجع وإنهاء الإحتلال، إلى توسيع هذه المؤسسة في الحركة العمالية، وتوسيع التعاون بالأخص مع المؤسسات والمنظمات العمالية في المنطقة والعالم ونيل الدعم سواء على صعيد المنطقة أو على الصعيد العالمي لجماهير فلسطين وعشرات القضايا الأخرى. ينبغي ان نقيم علاقات مع جميع المؤسسات والمنظمات العمالية على الصعيد العالمي، والسعي لجلب الطبقة العاملة للميدان بوصفها أكبر وأقوى قوة للتصدي لمكانة القتل الاسرائيلية-الامريكية و... للدفاع عن جماهير فلسطين. يمكن القيام بمئات الأعمال بهذا الخصوص، وقمنا لحد الآن ببعضها، وينبغي مواصلتها بزخم أكبر. أما مدى تقدمنا بهذا الخصوص، فهذا يعتمد على مدى عملنا الجدي في العمل التوعوي والإقناع الى التنظيم وصولاً لخلق تنسيق بين المؤسسات والتنظيمات والمنظمات العمالية.
ان هذه ميادين واسعة للعمل لا تُنجز أي منها بصورة عفوية وتلقائية، وينبغي الشروع بالعمل والتعجيل بالعمل والمضي بصورة حازمة وموحدة. ليس ثمة عمل مستحيل، وان هذا الامر ملقى على طاولتنا، ينبغي جعله أمراً ممكناً وقابل للتحقيق. لو طرحنا قبل عام  تاسيس مثل هذه المؤسسة على صعيد الشرق الأوسط، لتحدث الكثيرون عن ان هذه أمنيات ولا تتحقق. لقد قمنا بالعمل، وان هذا الاتحاد قد تشكّل، وان إدامة هذا العمل ليس أكثر إشكالية من تشكله، الخطوة الأولى هي دوما الأصعب، وقد خطيناها.         

احمد مطلق: ان هناك أكثر من 23 مؤسسة وإتحاد ونقابة وحزب وتيار من مؤسسي هذه المؤسسة، إنهم من العالم العربي مثل فلسطين وتونس ومصر والأردن والعراق والمغرب وليبيا والسودان و... ماهو تأثيرها لحد الآن على الطبقة العاملة في المنطقة وما هو  أفق الظهور بدور هذه المؤسسة في توحيد الطبقة العاملة في المنطقة والعالم؟

خالد حاج محمدي: ما أن إطلع ناشطو الطبقة العاملة وقادتها على خبر تأسيس هذه المؤسسة، بالأخص في البلدان العربية وكل المنطقة، حتى دبّ السرور بهم. إذ أعلنت أحد الاتحادات في تونس الإنضمام للجبهة العمالية ما أن أعلنت الأخيرة تأسيسها. نحن في بداية عملنا، إذ على الصعيد العالمي لم يبلغ حتى خبر تاسيس هذه المؤسسة بعد للمنظمات والتنظيمات العمالية والقادة والناشطين الراديكاليين للحركة العمالية. وقبل مدة، انعقد كونفرانس حضره 700 شخص في اليابان، شارك فيه أثنان من رفاقنا، وهم سمير عادل من العراق ومحمد علوش من فلسطين، وطرحا موضوعة هذه المؤسسة وجلبا دعم الحضور الشامل لها. 
على أية حال، ينبغي القيام ببعض الخطوات، ينبغي ان نعرّف أنفسنا، وينبغي إعداد نص للإتحادات والمنظمات العمالية لكسب الدعم لجماهير فلسطين، وينبغي عملياً القيام بخطوات عملية للدفاع عن جماهير فلسطين ونجلب الدعم للمؤسسة. إن أبواب وسائل الإعلام الكبيرة مغلقة بوجهنا، وينبغي علينا، عبر الحضور النشط والمؤثر، ان نجبرها على الإقرار بوجود هذه المؤسسة وتقوم باجراء المقابلات مع رفاقنا. ينبغي ان نفرض أنفسنا عليها، وربما يكون هذا الأمر صعباً في البداية.
أما فيما يخص أفق هذه المؤسسة ودورها في الحركة العمالية، أود ان أذكر بعض النقاط هنا.
أنهارت المنظومة السابقة في العالم، وإن عالم أحادي القطب بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي السابق هو أكثر كلحة ودموية وعسكرتارية و... من عالم ثنائية القطب. وهو، اي عالم وحيد القطب، يسير عمليا نحو حتفه. إن المرحلة الأخيرة والأزمات الإقتصادية والسياسية وإنسداد آفاق النظام الرأسمالي وغياب رد الحكومات والأحزاب البرجوازية في أنحاء العالم هو أمراً واقعياً. إن إحتجاج الطبقات "الدنيا" للمجتمع البشري والسخط الواسع للطبقة العاملة في العالم والهوة العميقة ما بين هذه الطبقة واليسار البرلماني وأحزاب الإشتراكية الديمقراطية و... التي، من الناحية التاريخية،  سلبت قوى من طبقتنا. إن هذه الأمور يُشهد لها في كل مكان. لا تختلف هذه التيارات الآن مطلقاً عن الأحزاب اليمينية والمحافظة سواء التي في السلطة أو خارجها، وان غياب إعتبارها ومكانتها بين مناصيرها التقليديين هو أمر واضح. في الأعوام الأخيرة، وفي الحقيقة العقدين الأخيرين، شهدنا مرحلة إنتهاء هيبة ومكانة ورهن الآمال باليسار البرلماني والإشتراكية الديمقراطية والأنظمة البرلمانية في الغرب و"الإنتخابات"، بالإضافة الى مرحلة خلق الهوة العميقة ما بين الحكومات والطبقة العاملة في الغرب. وهو الأمر الذي جعل الصلة بين من هم "أدنى" والحكام في اوربا وأمريكا نفسها على غرار صلة الحكومات في الشرق الأوسط بجماهير وعمال هذه المنطقة. لقد أُستُقطِبَ المجتمع البشري، وان الهوة والعداء للحكام والسخط منهم لهو أكثر من أي مرحلة أخرى.
في هذه المرحلة على وجه الخصوص، خلقت ظاهرة فلسطين ووحشية إسرائيل-الكتلة الغربية بالنسبة لجماهير العالم تحولاً عميقا وشاملاً بحدٍ بحيث غدت "الديمقراطية الغربية" والأمم المتحدة وحقوق البشر التي يتشدقوا بها ومنظومتهم الحكومية التي يتم الدعاية لها بوصفها أفضل إختيار للجماهير، لتشيع أمام العالم مقترنة بإراقة الدماء والجرائم والوحشية وإنعدام الرحمة وقتل الأطفال وفرض الفقر والجوع وبالحروب والهجمات والقصف والإبادة الجماعية. تطالب الجماهير بمحاكمة رؤساء حكومات الدول الغربية، من بينها احزاب الإشتراكية الديمقراطية وحكومات "حزب العمل" المشاركة في السلطة من مثل حزب الخضر الالماني وحزب العمال البريطاني و.... جنب الى جنب  نتنياهو وبن غوير وغالانت وبايدن و.... نمت خلال عام واحد حركة إنسانية عظيمة في أنحاء العالم لا ضد  جزاري غزة والإبادة الجماعية فحسب، بل ضد مشاركة الحكومات الغربية في هذه المجازر.  
ان ظاهرة فلسطين والحرب الدموية الاسرائيلية التي شنتها والمستمرة لحد الآن بحجة هجوم حماس، أماطت اللثام عن ظاهر "تمدن" هذه الحكومات،  وأوصلت السخط عليها في كل مكان أوجه. ان جرائم إسرائيل عجّلت بشكل كبير من عملية إبتعاد الجماهير عن السلطات الحاكمة والنظام وأحزابها، وهي العملية التي بدأت من العقدين أو الثلاثة السابقة.
طرحت هذه الأوضاع في العالم، وبالأخص في الغرب، أسئلة جدية امام البشرية للخلاص من الحرب والجريمة والعسكرتاريا والقتل والفقر والتشرد والخلاص من إنعدام الحقوق والإستغلال الوحشي للنظام الرأسمالي.  وُضِعَ النظام القائم، بسياسته وثقافته وأسسه، تحت السؤال. برأيي، ان العودة لماركس وسبيل الحل الإشتراكي وإنهاء النظام الرأسمالي والعودة لهم بوصفهم سبيل حل هو جواب يُطرح مرة أخرى.  ان هذه توفر لكل تيار عمالي وشيوعي فرصة لرسم أفق وأمل وهدف جديد ومجمل المستقبل، ويطرح الثورة الإشتراكية بوصفها سبيل حل مطروح أمام المجتمع البشري وأمام الطبقة وحركتها.
بالنسبة لنا في "الجبهة العمالية الموحدة"، اننا نرى ان الأوضاع مناسبة كي نمضي الى أبعد من مسألة فلسطين بان نوحد صفوف حركتنا، سواء على صعيد كل بلد أو ما يتخطى الحدود الجغرافية التي رسموها لفصلنا عن بعض، ونقف تحت سقف عام وننازل، بوصفنا الصاحب الأساسي للمجتمعات الراهنة البرجوازية وحكوماتها، من أجل الرفاه والحرية والعدالة. الأرضية مناسبة، ولسنا قلة أيضاً، وهم لوحدهم ولا يستطيعوا أن يعملوا الكثير، وينبغي منازلتهم.  ليس ثمة سلطة برجوازية أضافت، بالتمني والرجاء، دولار واحد للراتب الشهري لأي عامل في أنحاء العالم. ان شيوع الفقر والحرمان لا يعاظم ثروة البرجوازية وحكوماتها فحسب، بل يؤمن الخضوع واليأس والجزع في طبقتنا، وهي أكثر الأسلحة فتكاً ضد الطبقة العاملة.
ينبغي التحرك بحماس ضد هذه الأوضاع ونوحد قوى حركتنا، ونزيل الشقاق ونقوي المصير المشترك، وهي أمور مطروحة أمامنا، وبكلمة واحدة، ينبغي النضال من أجلها. إذا فعّلنا إرادتنا وإذا ما شخّصنا طبيعة الأوضاع، ونهب لها، لن نرتعد من العوائق، وسنجد سبيل التغلب عليها، ونسعى من أجل تحييدها ونتبع سياسة راديكالية وإشتراكية وعمالية وإنسانية، وسنحقق تقدم جدي. 

ترجمة: فارس محمود