الحقوق العالمية و الشاملة للإنسان

المقدمة

ينبغي أن يؤمن المجتمع حرية الإنسان. والحرية تعني التحرر من القمع والكبت السياسي، التحرر من القسر والخضوع الاقتصادي، التحرر من العبودية الفكرية، الحرية في تجربة الجوانب المختلفة للحياة الإنسانية، الحرية في ازدهار ملكات الخلق والإبداع البشرية والحرية في تجربة الجوانب العظيمة للعواطف الإنسانية.

وعلى المجتمع أن يكون ضامناً للمساواة بين البشر. فالمساواة لا تعني المساواة أمام القانون فقط، بل وكذلك المساواة في التمتع بالإمكانات والخيرات المادية والمعنوية للمجتمع. المساواة في كرامة وقيمة كل البشر أمام المجتمع.

غير أن الأغلبية الساحقة من جماهير العالم لا تتمتع بالحرية ولا بالإمكانات والخيرات المادية والمعنوية للمجتمع تلك التي تخلقها بنفسها. فمقدرات الحياة المادية والمعنوية للبشر أسيرة الإنتاج من اجل الربح. ويشكل الاستغلال والإخضاع الاقتصادي لجموع البشرية الغفيرة، القانون السائد على العالم. حيث أن هدف الإنتاج هو الربح، وان المحافظة على القدرة في تحقيق الربح من خلال استغلال مئات الملايين من الناس هو منطق النظام الرأسمالي. ويشكل الفقر والحرمان، التمييز وانعدام المساواة، القمع والاضطهاد السياسي، الجهل والخرافة والتخلف الثقافي، البطالة، انعدام السكن، غياب الأمن الاقتصادي والسياسي، الفساد والجريمة، تشكل جميعاً المصائب والحرمان التي يعاد إنتاجها يومياً في قلب الرأسمالية المعاصرة بوصفها جزءاً لا يتجزأ من هذا النظام.

وتتمثل الحرية، من وجهة نظر البرجوازية، بالدرجة الأساس، في حرية المستغِل في أن يستغِل وحرية المُستغَل في أن يُستَغَلْ. وحين تطرح هناك أيضاً قضية حقوق الإنسان، فإنها في افضل الأحوال تُصَوَّر كحقوق سياسية مشروطة ومحدودة لا يمكن حتى لمعظم المشمولين بها الاستفادة منها. فالحرية والمساواة تتناقض وتتضاد مع الخضوع الاقتصادي. وليس بوسع حقوق الإنسان الرأسمالية، مع التزامها الصمت تجاه هذه الحقيقة، أن تلبي حاجات الإنسان. ولا يؤمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حرية البشر ومساواتهم. فهو أداة للحيلولة دون جموح وانتفاض الجماهير التحررية والداعية للمساواة. ووسيلة للحيلولة دون جذب أنظار الجماهير والمفكرين والشخصيات التحررية الى الجوانب الأعمق لحقوق البشر وإدراك تناقض حقوق الإنسان وتضادها مع جوهر النظام الرأسمالي.

إن الحزب الشيوعي العمالي العراقي يطرح بإقرار وإعلان بيان الحقوق العالمية والشاملة للإنسان تصوراً جلياً لأسس حقوق الإنسان. ويعتبر الحزب الشيوعي العمالي العراقي هذه الحقوق حقوقاً لكل البشر في أية بقعة من العالم ويناضل من أجل تحقيقها.

والآن إذ يمر المجتمع العراقي بمرحلة صعبة ومليئة بالتغييرات. فقد ساد المجتمع سيناريو اسود، وراحت تحكمه قوانين الغاب. وتتعرض في خضم هذه الأوضاع كافة حقوق الإنسان الأساسية الى هجمة شرسة. وتداهم الإنسان نفسه مخاطر محدقة دوماً. وبعد انتهاء خمسة وثلاثين عاماً من السلطة القمعية والدموية للنظام البعثي ودستوره وقوانينه المعادية للإنسان، فان السلطة السياسية ودستور وقوانين العراق بصدد إعادة الصياغة من جديد. ولهذا، يتمتع إعلان حقوق الإنسان الأساسية التي لا يمكن التنصل عنها بأهمية خاصة وكبيرة في أوضاع العراق الراهنة، وهي وثيقة مهمة لتقوية نضال الجماهير التحررية والحزب الشيوعي العمالي من اجل إنهاء هذه الأوضاع وإرساء دولة ونظام حكم تؤمن فيه الحرية والمساواة على أعلى المستويات الفردية والجمعية.

ويعلن الحزب الشيوعي العمالي العراقي انه يعتبر مواد حقوق الإنسان العالمية والشاملة حقوقاُ مسلماً بها للجماهير، ويعلن انه مع استلام السلطة السياسية وإعلان الجمهورية الاشتراكية يضع كافة هذه الحقوق بوصفها أساساً لقوانين وسياسات المجتمع.

كما يدعو الحزب الشيوعي العمالي كافة الأحزاب السياسية وكافة الجماهير في العراق والعالم الى الدعم الجدي لهذا البيان.

بيان الحقوق العالمية والشاملة للإنسان

إن المواد التالية هي الحقوق العالمية والبديهية للإنسان. وليس بوسع أي قانون، وسياسة وقرارات في المجتمع نقض الحقوق المذكورة في هذا البيان وفقراته. ولا يمكن حرمان أي إنسان أو مجموعة ما في المجتمع من أي من حقوق هذه الوثيقة أو ممارسة التمييز بحقها. وتعتبر الدولة ومؤسسات إدارة المجتمع مسؤولة عن ضمان تطبيق حقوق هذا البيان وبنوده.

1-  الحياة هي الحق الأكثر أساسية للإنسان. يصان جسد الأفراد وروحهم من أي نوع من أنواع التطاول.

2- يمنع استغلال الإنسان. يمنع العمل المأجور الذي يمثل أساس استغلال الإنسان في العالم المعاصر، وكذلك يمنع أي شكل من أشكال الإخضاع، العبودية والعمل الإجباري تحت أي غطاء أو تبرير.

3- العمل نشاط حر وخلاق للإنسان. لكل إنسان الحق في تطوير إبداعاته الفكرية والعملية واستخدامها.

4-  بوسع كل شخص التمتع بالخيرات المادية والمعنوية الموجودة في المجتمع، بغض النظر عن دوره في الإنتاج. ولكل البشر الحق المتساوي في التمتع بالخيرات والمنتجات المادية والمعنوية الموجودة في المجتمع.

5-  لكل إنسان الحق في التمتع بوقت الفراغ و الراحة، الترفيه والأمن والاستقرار. ولكل شخص حق التمتع بمسكن مناسب ومستلزمات حياة عادية ومناسبة في المجتمع المعاصر.

6- لكل طفل الحق في حياة سعيدة وآمنة وخلاقة. وعلى المجتمع تأمين رفاه وسعادة كل طفل، بغض النظر عن وضعه الأسري. وينبغي أن يتمتع كافة الأطفال والفتوة بمعايير ومقاييس موحدة من الرفاه وإمكانات النمو المادي، وفي أرقى مستوياتها الممكنة.

7- لكل شخص الحرية غير المقيدة وغير المشروطة في اختيار أية عقيدة والتعبير عنها بصورة مكتوبة، شفهية، وفنية أو بأي شكل آخر سواء بصورة فردية أو جماعية. إن نقد أي شيء ونقد كافة الجوانب السياسية، الثقافية والأخلاقية والأيديولوجية للمجتمع وكذلك الاحتجاج والإضراب بصورة فردية أو جماعية حق غير مقيد وغير مشروط لكل فرد. بوسع کل فرد تأسيس أي حزب أو منظمة أو الانضمام الى مثل هذه المؤسسات.

8- التمتع بالكرامة والشخصية هي حق لكل إنسان. يمنع أي شكل من أشكال الافتراء وهتك كرامة الإنسان. يمنع أي شكل من أشكال الدعاية للكره أو التعالي الديني، القومي، العرقي والجنسي.

9- يمنع تفتيش العقائد وفرض العقائد. لكل شخص الحرية في لزوم الصمت حول وجهات نظره واعتقاداته الشخصية. يمنع أي شكل من أشكال التحريض والتهديد ضد تعبير الأفراد الحر عن وجهات نظرهم.

10- المشاركة المباشرة والمستمرة في شؤون السلطة حق لكل فرد. ينبغي أن تكون المناصب والمؤسسات الحكومية والهيئات الإدارية منتخبة من القمة الى القاعدة من قبل الجماهير. وللجماهير الحق في انتخاب وعزل كافة المراجع والمناصب السياسية والإدارية في البلد. يتمتع كل الأفراد البالغين بحق متكافئ ومتساوي في التصويت ومن حقهم الترشيح في الانتخابات لأية مؤسسة أو هيئة تمثيلية أو شغل أي موقع ومنصب.

11- لا تتمتع الدولة والمؤسسات الإدارية أو المناصب المختلفة بحد ذاتها بأي حق تجاه الجماهير، سواء بصورة فردية أو جماعية، إلا إذا كانت الجماهير قد منحتها حقاً بشكل صريح.

12- ينبغي أن تكون الدولة والنظام الإداري للمجتمع غير دينيين وغير قوميين بصورة تامة. يمنع أي شكل من أشكال دعم الدولة لإشاعة أي دين أو إضفاء أي مضمون أو الاعتماد على أية قاعدة دينية، قومية أو أثنية في صياغة القوانين. يمنع كل شكل من أشكال العودة الى دين وقومية الأفراد في القوانين والأوراق الثبوتية والإدارية ذات الصلة.

13- الحرية غير المقيدة وغير المشروطة للتدين أو عدم التدين. يفصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم. يُمنع ممارسة أي شكل من أشكال القسر البدني والروحي لاعتناق الدين. إن اختيار الدين أو عدم اختياره هو شان من شؤون البالغين. ينبغي حماية الأطفال والفتيان من أي شكل من أشكال التطاول المادي والروحي للدين والمؤسسات الدينية. يمنع جذب الأفراد غير البالغين وضمهم الى الفرق الدينية والمراسم والأماكن الدينية. يمنع تدريس الدروس الدينية، الأحكام الدينية والتفاسير الدينية للمواضيع في المدارس والمؤسسات التعليمية.

14-يمنع تحديد دين رسمي ولغة رسمية بصورة قسرية.

15- السلامة هي حق لكل فرد. ولكل إنسان الحق في أن يتمتع بمجمل إمكانيات المجتمع المعاصر لصيانة نفسه من الصدمات والأمراض والاستفادة من الإمكانات الصحية والعلاجية في المجتمع.

16- إن التمتع بمحيط بيئي سليم وآمن هو حق لكل إنسان.

17- المعاشرة والحياة الاجتماعية هما حق لكل إنسان. منع أي شكل من أشكال الفصل وحرمان الأفراد من المحيط الاجتماعي ومعاشرة الآخرين.

18- التقصي والاطلاع على الحقائق المتعلقة بمجمل جوانب الحياة الاجتماعية هي حق لكل شخص. منع الرقابة والتحكم بالمعلومات التي هي في متناول المواطنين.

19- التعلم هو حق لكل فرد. ومن حق كل شخص التمتع بإمكانات المجتمع المعاصر لتطوير معارفه وتخصصه أو الاطلاع على المكاسب الفكرية والعملية للبشرية المعاصرة له. إمكانية التمتع بمجمل الإمكانات التعليمية الموجودة في المجتمع والاستفادة منها هو حق لكل شخص.

20- لكل شخص مسن الحق بحياة مرفهة، خلاقة وآمنة. ولكل شخص الحق في التمتع أثناء شيخوخته بأفضل الإمكانات الحياتية، العلاجية والصحية بغض النظر عن مكانته المادية. تأمين هذه الحقوق للمسنين هو وظيفة المجتمع.

21- الحرية غير المقيدة وغير المشروطة في السكن، السفر والانتقال هي حق للأفراد الكبار. ولكل شخص الحق غير المقيد وغير المشروط في السفر الى أي بلد أو الإقامة في أي بلد يشاء.

22- بوسع كل شخص يقبل الإلتزامات الحقوقية للمواطنة، أن يكون مواطناً في المجتمع.

23-  تُصان الحياة الخاصة للأفراد، محل معيشة الفرد، رسائله ومراسلاته ومكالماته من أي نوع من أنواع التدخل من قبل أي مرجع كان.

24- لكل شخص الحرية غير المقيدة وغير المشروطة في اختيار الملبس. يُمنع أي شكل من أشكال فرض الشروط الرسمية أو الضمنية على ملبس الجماهير، نساء أو رجال كانت، في الأماكن العامة.

25- يحق لكل شخص الامتناع عن المشاركة في الحرب أو أية نشاطات عسكرية تتعارض مع مبادئه ومعتقداته.

26- إقامة العلاقة الجنسية الحرة والطوعية حق بديهي لا يمكن إنكاره لكل الذين بلغوا سن البلوغ الجنسي القانونية. العلاقات الجنسية الطوعية للأفراد البالغين مع بعضهم البعض هي شأن خاص بهم وليس من حق أي شخص أو أي سلطة البحث بصددها أو التدخل فيها أو إعلانها على الملئ.

27- تُمنع العلاقة الجنسية للكبار (الذين تعدوا السن القانوني للبلوغ) مع الأفراد الذين هم تحت السن القانوني، حتى ولو تمت برضاهم.

28- القضاة، المحاكم والنظام القضائي مستقلة من الناحية الحقوقية. انتخاب وعزل القضاة وسائر المراجع القضائية هو حق الجماهير.

29- يُمنع تشكيل المحاكم الخاصة. يجب عقد جميع المحاكمات بصورة علنية.

30- جميع الأفراد متساوون أمام القانون. ليس لأي مسؤول أو فرد حصانة قانونية. لكل شخص الحق غير المقيد وغير المشروط في إقامة دعوى ضد أي مسؤول حكومي في محكمة عادية.

31- لكل شخص الحق في التحفظ في الشهادة ضد نفسه أو الاعتراف.

32- المبدأ في جميع المحاكمات هو براءة المتهم. إن التمتع بإمكانية التحقيق والمحاكمة العادلة هو حق كل فرد. يمنع منعاً باتاً ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب، التخويف، الإهانة وممارسة الضغوطات الفكرية والنفسية على الأفراد المحتجزين، المتهمين والمحكومين ويعتبر الشروع بذلك جرماً جنائياً. يُمنع انتزاع الاعتراف عبر الترهيب والترغيب.

33- تمنع عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو أي شكل من أشكال العقوبات التي تتضمن مساً بجسم الأفراد تحت أي ظرف كان.